فصل: فصل في التداعي في النفقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)



.فصل في التداعي في النفقة:

ومَنْ يَغِبْ عَنْ زَوْجَةٍ ولَمْ يَدَعْ ** نَفَقَةً لهَا وَبَعْدَ أَنْ رَجَعْ

(ومن) اسم شرط مبتدأ (يغب) فعل الشرط (عن زوجة) يتعلق به (ولم يدع) معطوف على يغب (نفقة) مفعول (لها) يتعلق بنفقة أو بيدع (وبعد أن رجع) يتعلق بقوله:
نَاكَرَهَا فِي قَوْلِهَا لِلْحِينِ ** فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع الْيَمِينِ

(ناكرها في قولها في الحين) متعلقان بناكرها أيضاً (فالقول) مبتدأ (قوله) خبر (مع اليمين) يتعلق به والجملة جواب الشرط والشرط وجوابه خبر من.
مَا لَمْ تَكُنْ لأَمْرِهَا قَدْ رَفَعَتْ ** قَبْلَ إيَابِهِ لِيَقْوَى ما ادَّعَتْ

(ما) ظرفية مصدرية متعلقة بقوله المتقدم (لم تكن) اسمها ضمير الزوجة (لأمرها) يتعلق بقوله (قد رفعت) والجملة خبر تكن والجملة من تكن وما بعده في محل جر بإضافة ما إليها والتقدير مدة عدم رفعها لأمرها (قبل إيابه) يتعلق برفعت والضمير المجرور بالإضافة يرجع للزوج (ليقوى) منصوب بأن مقدرة بعد اللام والجملة تسبك بمصدر متعلق برفعت أيضاً (ما) موصول فاعل بيقوى (ادعت) صلة ما وفاعله ضمير الزوجة والرابط محذوف أي ادعته.
فَيَرْجِعُ القَوْلُ لَهَا مَعَ الحَلِفْ ** والرَّدُ لِلْيَمِينِ فِيهِمَا عُرِفْ

(فيرجع القول لها) جواب شرط مقدر أي فإن رفعت فيرجع القول لها الخ (مع الحلف) في محل نصب على الحال (والرد) مبتدأ (لليمين فيهما) متعلقان به وجملة (عرف) بالبناء للمفعول ومعنى الأبيات الأربع أن الزوج إذا غاب عن زوجته ولم يترك لها نفقة على زعمها وبعد رجوعه ناكرها وادعى أنه تركها لها أو أرسلها إليها، فإن القول قوله في ذلك مع يمينه ما لم تكن رفعت أمرها للحاكم في مغيبه لتقوي دعواها، ولم يجد الحاكم له مالاً يفرض لها فيه فأذن له بالإنفاق على نفسها ورضيت أو وجد له مال ولم تسمح ببيعه ورضيت أن تسلفه نفقتها، فيكون حينئذ القول قولها مع يمينها من حين الرفع وتحاصص الغرماء بما أنفقت على نفسها من حين رفعها في الدين الحادث دون القديم، وكذا بما أنفقته على أولادها الصغار، ولمن وجبت عليه اليمين ردها وقلبها على صاحبه في الصورتين ثم أنه إذا حلف في مسألة الإرسال فيحلف لقد قبضتها لا بعثتها كما في (خ) وظاهر النظم أن الرفع للعدول والجيران لا يكفي وهو كذلك على المشهور، وإنما قلنا هذا ظاهره لأن الرفع إذا أطلق إنما ينصرف للرفع للحاكم. وذكر ابن عرفة أن العمل استمر عندهم على مقابل المشهور وأن شكواها للعدول كالرفع للحاكم، وأما للجيران فلغو لكن قال (خ) في تكميله العمل بفاس على المشهور فلابد من الرفع للحاكم، لكن هذا مع تيسر الرفع له وإلا فينبغي أن العدول والجيران كالحاكم لعذرها حينئذ، ومفهوم ومن يغب أن الحاضر يكون القول قوله من غير تفصيل، وإنما كان القول قوله حيث كان حاضراً أو غائباً ولم ترفع لأنها في حوزه، والقول قول الحائز قاله البرزلي. ولذا لو كانت في غير داره وحوزه فالقول قولها في عدم بلوغها ومحل قبول قوله حيث ادعى أنه كان ينفق أو يدفع النفقة في زمنها شيئاً فشيئاً أو ادعى دفعها لها جملة واحدة في أول المدة المتنازع فيها أما إذا ادعى دفعها جملة واحدة بعد تجملها عليه لما مضى فلا يقبل قوله إجماعاً قاله ابن رشد ثم لها أن تطلبه عند إرادة السفر بنفقة المستقبل ليدفعها لها أو يقيم لها كفيلاً قاله (خ) وغيره.
وَحُكْمُ مَا عَلَى بَنِيهِ أَنْفَقَتْ ** كَحُكْمِ ما لِنْفِسهَا قَدْ وثَّقَتْ

(وحكم ما على بنيه أنفقت) مبتدأ ومضاف إليه وما واقعة على الإنفاق وأنفقت صلته والرابط محذوف (كحكم ما لنفسها قد وثقت) خبر عن المبتدأ والمعنى أن حكم الزوجة إذا أنفقت على أولادها الصغار من زوجها الغائب كحكم إنفاقها على نفسها فإن رفعت أمرهم كان القول قولها من حين الرفع مع يمينها، وإلاَّ فالقول قوله مع اليمين ومحل رجوعها بنفقتها في المسألة قبلها وبنفقة بنيها في هذه إن ثبت يسره في غيبته أو خرج موسراً، وأما إن ثبت عسره في غيبته أو جهل حاله فيها ولكن خرج معسراً وقدم كذلك فلا تتبعه لا بنفقتها ولا بنفقة أولادها ولا تحاص بها الغرماء، ويفهم هذا الشرط من تنصيصه على مجهول الحال في قوله بعد: فإن يكن مدعياً حال العدم الخ، فأما إن كانت له أصول في البلد فتباع لها في النفقة إلا دار السكنى، فإنها تباع للزوجة دون الأولاد كما مر تحصيله أول الباب فيفترقان في هذه كما يفترقان في مسألة أخرى ذكرها ابن فرحون في ألغازه قال: رجل غائب ويسره في غيبته معلوم، فلما قدم ألزمناه بنفقة الزوجة دون الأولاد فترجع عليه الزوجة بنفقتها على نفسها، وكذلك لو كان المنفق أجنبياً فإنما يرجع بنفقة الزوجة لأنه يقول: إن كنت عندكم موسراً في ظاهر أمري فأنا أعلم من باطن أمري أن نفقة ولدي لا تلزمني لما أعلمه من عسري، فالقول قوله في ذلك دون يمين ولا تلزمه نفقة الأولاد اه باختصار. وهو موافق لما مر من أن المنفق على الصغير لا يرجع إلا مع علم ماله أو علم يسر أبيه، وهذا وإن قدم من غيبته موسراً فهو مصدق في أنه كان وقت الإنفاق معسراً ومن ادعى يسره وقته فعليه الإثبات فقوله: ويسره في غيبته معلوم يعني في ظاهر الحال لكونه خرج موسراً أو قدم كذلك والله أعلم.
فإنْ يَكُنْ قَبْلَ الْمَغِيبِ طَلَّقَا ** فَالقَوْلُ قَوْلُهَا بِذَاكَ مُطْلَقَا

(فإن يكن) شرط واسمها ضمير الزوج (قبل المغيب) يتعلق بقوله (طلقا) والجملة خبرها (فالقول قولها) مبتدأ وخبر والجملة جواب الشرط (بذاك) الباء بمعنى في متعلقة بقوله (مطلقا) حال وإنما كان القول قولها في نفقتها على نفسها وعلى أولادها مطلقاً رفعت للحاكم أم لا. لأنها ليست في حوزه فلا يمضي قوله عليها كما مر:
إنْ أَعْمَلَتْ فِي ذلِكَ اليَمِينَا ** وَأثْبَتَتَ حَضَانَةَ الْبَنِينَا

(إن أعملت في ذلك اليمينا) شرط في قبول قولها وجوابه محذوف للدلالة عليه (وأثبتت حضانة البنينا) هذا يرجع لهذه وللتي قبلها، وهذا مستغنى عنه بقوله فيما مر، وغير موص يثبت الكفالة إلخ. ثم إذا كان في غيبته موسراً أو معسراً فلا إشكال كما مر، وإن كان مجهول الحال فهو قوله:
فإنْ يَكُنْ مُدَّعِياً حَالَ العَدَمْ ** طُولَ مَغِيبِهِ وحَالُهُ انْبَهَمْ

(فإن يكن مدعياً حال العدم طول) منصوب على الظرفية يتعلق بمدعيا (مغيبه) مضاف إليه (وحاله انبهم) مبتدأ وخبر والجملة حالية.
فحَالَةُ القُدُومِ لابْنِ القَاسِمِ ** مُسْتند لها قَضَاءُ الحَاكِمِ

(فحالة القدوم) مبتدأ (لابن القاسم) اللام بمعنى عند كقوله تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} (الإسراء: 78) (مستند) خبر (لها) يتعلق به (قضاء الحاكم) نائب الفاعل بمستند.
وَمُعْسِرٌ مَعَ اليَمِينِ صُدِّقَا ** ومُوسِرٌ دَعْوَاهُ لَنْ تُصَدَّقَا

(فمعسر) مبتدأ سوغه التفصيل لما قبله. (مع اليمن) يتعلق بقوله (صدقا) والجملة خبر (وموسر) مبتدأ (دعواه) مبتدأ ثان (لن تصدقا) خبر عن الثاني والثاني وخبره خبر عن الأول والرابط الضمير المجرور بدعواه، والمعنى إذا قدم الزوج من غيبته وادعى العسرة مدة مغيبه لتسقط نفقتها عنه، وكانت حاله في الغيبة ووقت خروجه مجهولة لا يدري أكان موسراً وقتئذ أو معسراً ولم تصدقه الزوجة أو المنفق عليها في دعواه، فالمشهور وهو مذهب ابن القاسم أنه ينظر إلى حال قدومه فإن قدم معسراً صدق مع يمينه ولا يصدق إن قدم موسراً (خ): وإن تنازعا في عسره في غيبته اعتبر حال قدومه، وهذا من الاستصحاب المعكوس وهو ضعيف عند الأصوليين، وهذا كله في نفقة الزوجة، وأما نفقة الأولاد فتقدم أنه مصدق وإن قدم موسراً، وأما الأبوان فتقدم أيضاً أنه لا يفرض لهما مع جهل حال الغائب أو علم عسره وما في (ز) من أن نفقة الأولاد والأبوين في هذا كالزوجة غير سديد لأن نفقة الأولاد عنده لا يشترط في الرجوع بها علم يسر الأب كما قدمه عند قوله وحلف أنه أنفق ليرجع وهو مصادم لنقل ابن رشد وغيره والله أعلم. وانظر لو أنفق على الولد أجنبي مع علمه بالدار للأب والظاهر أنه لا رجوع لأنه في حكم الفقير فلم يقم عنه بواجب انظر ما تقدم أول الباب.
وَقِيلَ باعْتِبَارِ وَقْتِ السَّفَرِ ** وَالحُكْمُ باسْتِصْحَابِ حَالَهِ حَرِي

(وقيل باعتبار وقت السفر والحكم باستصحاب حاله حري) هذا هو مفهوم قوله: وحاله انبهم فحقه أن لا يحكيه بقيل فلو أخره عن البيت بعده وقال عوضاً منه:
وحاله إن علمت وقت السفر ** فالحكم باستصحابها دون نظر

لأجاد كما قاله ولده لأن حاله في وقت السفر إذا علمت كان العمل عليها بلا خلاف حتى يثبت ما يخالفها فذكره في تعداد الأقوال التي موضوعها انبهام الحال غير سديد، ثم أشار إلى مقابل المشهور بقوله:
وَقِيلَ بالحَمْلِ عَلَى اليَسَارِ ** والقَوْلُ بالتَّصْدِيقِ أيْضاً جَارِي

(وقيل) مبني للمفعول (بالحمل) نائبه (على اليسار) فلا يصدق فيما ادعى أنه كان في مغيبة معدماً وإن قدم معدماً لأن الغالب الملاء ولأن كل عديم ادعى العدم فعليه البينة، وهذا القول لابن الماجشون (والقول) مبتدأ (بالتصديق) يتعلق به (أيضاً) مفعول مطلق (جاري) خبر أي فيصدق في دعواه الإعسار حالة الغيبة سواء قدم موسراً أو معسراً وهو لسحنون وابن كنانة قال في ضيح: ووجه أن الأصل العدم.